غريبة هي منظومة علاقاتنا البشرية،
والأغرب هو سعينا الدائم نحو السراب
ونحو كل ما يعجزنا الحصول عليه، هذا
الأمر الذي يتوضح منذ اللحظة الأولى
لولادتنا مروراً بطفولة يكون فيها كل
ممنوع مرغوباً، ويتوضح هذا
الإحساس، وتكتمل معالمه عندما
نخوض علاقة حب يكون فيها أحد
الطرفين ممتنعاً عن مبادرة الآخر
المشاعر نفسها أو حتى أقل منها
ليتضخم إحساسنا بالخيبة والتعلق
فيتحول لهاجس ينفض كل تفاصيل
حياتنا..
والغريب في الأمر أنه كلما زاد صد
الرجل للمرأة، كلما تشبثت به، وازداد
حبها له لتعيش قصة حب مختلفة لرجل
لا تريد سواه رغم امتناعه الدائم، وكلما
غالى في هذا الامتناع كلما كان التعلق
به أكثر رغم كل العذاب الذي يسببه لها
هذا الأمر.
لماذا نتعلق بمن يرفضنا؟ سؤال يوجه
للرجل والمرأة، ولكنه يخص المرأة أكثر
من الرجل باعتبارها أكثر تأثراً بهذا
النمط من العلاقات العاطفية البعيدة
المنال ربما هي الطفولة أو طريقة
التربية، وربما خلل نفسي عائد لسبب
أو لآخر.. كل هذه الأمور مجتمعة أو
إحداها دون الآخر تحدد حبنا لشخص
يبقى بعيداً عنا.
وبرأي الدكتور (حسان المالح) أخصائي
الطب النفسي: (فإن قليلاً من الصد
والتمنع في العلاقات العاطفية أمر
مفهوم، وربما لابد منه، فبالنسبة للمرأة
يساعدها على الحفاظ على ثقتها بنفسها
وعلى أنها محبوبة ومطلوبة، فالصد
والتمنع يزيد من حماسة الرجل كي
يفتن المرأة، ويبرهن على حبه لها
بمختلف الأساليب، حيث يعني ذلك
بالنسبة للرجل تحدياً يحتاج للمقاومة
والصراع إلى أن ينتهي لصالحه
وينتصر في معركته مع المرأة ولو
مؤقتاً.
ومن المعروف أن كل معروض متروك
أما الممنوع فهو المحبب، وكذلك الأمر
بالنسبة للمرأة فصد أحد الرجال لها
يجعلها تفعل المستحيل للفوز به وهذه
الأمور مرتبطة بظروف المرأة قديماً
وشخصيتها ووضعية القهر التي نشأت
فيها لذلك نجدها في هذه الظروف تعاني
الإزعاج بشكل دائم، ويسيطر عليها
الغموض والتغير، وهذا ما يسمى بالحب
المستحيل هذا الحب الذي تعويضاً عن
مشاعر النقص والحرمانات
المتنوعة إضافة للتعلق المرضي بالأب
أو الأم وفقاً لكون العاشق امرأة أو
رجلاً.
وفي بعض الحالات المرضية الشديدة
غير الشائعة والتي تعرف في الطب
النفسي باسم ذهان العشق يحدث أن
تتعلق المرأة برجل وهي تظن أنه
يبادلها المشاعر وتعيش سلسلة من
الأوهام المترابطة والخيالية ليشكل لها
صدمة نفسية، وكل هذه الحالات تحتاج
لعلاجات دوائية ومراقبة مستمرة نظراً
للتصرفات الغريبة التي يمكن أن تنتج عنها
وعموماً فإن مرحلة المراهقة هي
أكثر المراحل عرضة لمثل هذه
المشكلات النفسية باعتبارها مرحلة
مؤقتة تتميز بالخيال المفرط والحساسية
الزائدة، وهي مرحلة تؤدي للنضج
والرشد بعيداً عن المستحيلات والخيال
الجامح إذا توفرت لها الرعاية الكافية
والتوجيه الصحيح).