[إن التفكير بالأشياء الملموسة مثل السيارات والبيوت أسهل من التفكير بالوقت وذلك لأن لها قيمة ، ولكن لأن
الوقت غير مرئي وغير قابل للمس فهو لا يحظى بالاحترام الكافي ، فلو سرق شخص مجوهرات منك فإنك
ستنزعج وتخبر الشرطة عن الجريمة ولكن سرقة الوقت في العادة لا تعتبر حتى جنحة 0
إن الوقت هو عنصر أساسي من عناصر بناء الحضارة، يمضي، شاء الإنسان أم أبى .
فلو اجتمع الناس جميعا، و حاولوا بكل وسيلة، و أرادوا أن يوقفوا عجلة الزمن، ما استطاعوا
هذا هو الوقت الذي أقسم به الله (عز وجل) لأهميته، ومكانته في حياة الأفراد والمجتمعات، ينبغي استغلاله فيما
يفيد ويصلح ويعود بالنفع في العاجل والآجل، وتجنب الأمور المضيعة له، وما أكثرها0
فالــــــوقت
(هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان 0 وحفظة هو اصل كل خير 0 وضياعة منشأ كل شر)
فلا بد من وقفة تبين قيمة الوقت في حياة الإنسان0
إذا عرف الإنسان قيمة شيء ما وأهميته حرص عليه وعزَّ عليه ضياعه وفواته، وهذا شيء بديهي
ويقول ابن الجوزي : "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة
ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن
من العمل""
ولقد عني القرآن والسنة بالوقت من نواحٍ شتى وبصور عديدة، فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة بأجزاء
منه مثل الليل، والنهار، والفجر، والضحى، والعصر، كما في قوله تعالى :
( واللَّيْلِ إِذَا يَغْشى والنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى )، ( وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) ،( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ ..)،
( وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْر) .
ومعروف أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه دلَّ ذلك على أهميته وعظمته، وليلفت الأنظار إليه وينبه على جليل
منفعته
وجاءت السنة لتؤكد على أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرر أن الإنسان مسئول عنه يوم القيامة، فعن معاذ بن
جبل أن رسول الله ( قال : "لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيم أفناه
وعن شبابه فيم أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه"
[ رواه الترمذي وحسنه الألباني ] . وأخبر النبي ( أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه ولابد للعبد من شكر
النعمة و إلا سُلبت وذهبت . وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات
الصالحات ويقول : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة، والفراغ" [ رواه البخاري [ .
لما كان للوقت كل هذه الأهمية حتى إنه ليعد هو الحياة حقاً0 فعلي الإنسان وجبات نحو وقتة0 إن الوقت مورد
فريد في نوعه إذ أن كل شخص يملك منه نفس المقدار، كل عمل يحتاج إلى وقت لا يمكن شراؤه
-3-
وإنما الحل الحقيقي الوحيد هو استخدام أفضل للوقت المتاح إذا كان الإنسان شديد الحرص على المال، شديد المحافظة عليه والاستفادة منه، وهو يعلم أن المال يأتي ويروح فلابد أن يكون حرصه على وقته والاستفادة منه كله فيما ينفعه في دينه ودنياه، وما يعود عليه بالخير والسعادة أكبر، خاصة إذا علم أن ما يذهب منه لا يعود.
إن الوقت ربما يكون اثمن الموارد الموجودة لدينا0 إن الذين لا يستخدمون وقتهم بكفاءة وفعالية لا يستطيعون تحقيق أهدافهم 0 ومن لا يعرف أهمية الوقت لم يطعم طعم النجاح في حيات0
من الناحية النظرية لا احد لا يعي قيمة الوقت وأهميته التي لا تقدر بثمن ، بل به ومن خلاله يستطيع الإنسان ان يجلب المال ونحوه ، وبدونه لا يحصل على كل ذلك . من هنا قيل "الوقت من ذهب "